"أخبرتهُ بأنها تُحبهُ حد الوجع و ربما تُحبهُ حد الرحيل"
***
***
في مواسم الفيضان يفيض الحنين عن الحد وتغرق فيه, حنينه موجعاً كعشقه, وجوده و رحيله سيان لأن أزهار الوجع تُزهر دوماً, في الكتابة عنهُ تتكرر كلمة واحدة حتى تمل الكلمات .. تلك الكلمة هي الوجع.
النار تحرق كل شيئ و هي اختارت أن تعشق النار في أوجها ثم ترمي بنفسها فيها لتحترق ثم تلتئم جروحها و تحترق مرة أخرى و أخرى و أخرى .......
لو كانت تعيش عقاباُ اغريقياً لكانت أشهر من سيزيف, فلم تخدع الموت و لم يغضب منها زيوس, لكنها ربما خدعت نفسها بأنها إذ عشقت النار بكل تلك القوة ستنقلب برداً وسلاماً, فانقلبت للجحيم بعينه.
***
"عيب إن أقول على نفسي احترت.. أو أقول وليف روحي هجرني" *
***
تنتابها الحيرة عن مغزى العشق \ الحكاية ذاتها \ الرحيل \ العالم \ الله \ الصدق \الكذب \ الجنون!
تواري حيرتها بابتسامة معتادة, ربما بضحكة صاخبة, لكن المؤكد أنها تبتلع قرصاً جديداً من شريط المهدئ قبل أن تبدأ أدائها المقنع على خشبة الحياة.
لم تعد قادرة على تحديد من بدأ بالهجر, ربما لم يحدث أي هجر وأنها قطيعة طويلة كماتقول صديقتهم المشتركة! لكنها لا تصدقها لأنها لم تعد تصدق أي شيئ, لكنها تصدق فداحة الرحيل و روعته في آنٍ واحد و تصدق أيضاً أنها لو رأتهُ لقتلته بدم بارد.
لم تعد تستمتع بأفكار التحمل وقوة الإيمان, حينما ينتهي مفعول المهدئ تبدأ الكلمات في الخروج دون تمثيل فتصرخ يا الله كيف تتركني أحترق و تسألني الصبر؟ , ثم تبتلع قرصاً جديداً وتبتلع معه السؤال و الوجع والشك, لتعود ابتسامتها المزيفة.
***
"من بين عيون الناس اخترت.. جوز العيون اللي قتلني" **
***
كلما تذكرت أول لقاء في المترو كلما انحصرت تمنياتها في أن تُمسك بكيوبيد الذي تحين فرصة أول نظرة منها لعينيه و ألقى بسهمه من جعبته بنزق الأطفال, فلو أمسكت بكيوبيد يومها لأخذت كل السهام من جعبته و طعنته بها جميعاً , فليمت نزقك يا كيوبيد, فلتمت يا كيوبيد ولتنتهي حكايات الحب الغير منطقية من العالم.
***
"كلما شاهدتُ فيلم "butterfly effect" كلما تمنيت تلك الموهبة."
***
كم تمنت أن تعود للحظة البداية, ربما كانت قتلته فور رؤيته, أو عادت قبل الرؤية ولم تذهب للقاءه , وربما عادت للبداية في أول مرة رأت كلماته و خفق قلبها دون سبب,لو في لحظتها انتزعت قلبها أو مسحت كلماته لما بدأ الوهم.
ربما بتغيرات طفيفة لو قتلت نفسها من قبل أن تعرف عن وجوده في الحياة لماتت في هدوء, لعلها كانت ماتت ببعض الفرحة.
***
"لقد أخبرتهُ بالطبع أنني أحبه حد الرحيل لكن بصوت هامس في سري.. لأننا كنا رحلنا منذ زمن."
***
عنها؟ لم أعد أعرف شيئاً, لقد توقفت عن البوح منذ أن أصبحت لا تتحدث سوى بعبارات ضاحكة وتحكي حكايات هزلية .. ربما تغير شكلها.. لم تعد تُشبه تلك التي عرفتها منذ زمن, كل ما يربطني بقلبها تلك الدموع التي لا تجف حتى في أكثر أوقاتها صخباً.. سيخبرني العالم كله أنها قوية وأنها عادت من جديد, لكنها لن تعود, ربما لو قررت يوماً أن تبصق على العالم بخيباتهِ ثم توقفت عن الابتسام والمهدئات حينها ستكون ربما عادت.
..............................................................................
* و ** من أغنية "ياحمام" لـ محمد منير.
Photo by: Sama Hotoke