ضيق.. لا مصدر للضوء سوى من ذلك التليفزيون
القديم الذي تم تحديثه ليصبح بريموت كنترول.
"هو" يجلس بما يستر عورته بعد انكماشها..
"هي" ترقد بجواره سارحة في السبب الذي جعلها تأتي إليه, ربما وسامته ..خفة
ظله..ذكاءه.. يأسها..! أو كل ذلك. لكنها تتظاهر بمشاهدة أحد محطات التلفاز ..
"هو" يتظاهر بذلك أيضاً, ويفكر في تلك التي أحبتهُ و تكبت وجعها طوال
الوقت, هي تعرف بخياناتهِ و لا يدري كيف! فينغمس في كهفهِ هرباً مما سببه لها على
الرغم من عدم استيعابهِ لجدوى تلك العزلة مع نساءٍ من كل شكل و لون, لا يتذكر منهن
أي تفاصيل, كل التفاصيل تتشابه, ربما رائحة برفان كل امرأة تختلف لكن كلهن يحملن
نفس الرائحة.. رائحة الإغتراب, يغترب في أجسادهن .. هن الغريبات عنه اللاتي لا
يشبهنهُ سوى في تلك الإبتسامة المجاملة بعد تلك العلاقة الميكانيكية اللطيفة التي
يشك أنها تُرضيه أو تُرضيهن, فقط طريقة لتبديد ظلمة كهفه الذي يبدو أنه يُشبه
كهوفهن, يسألها ببساطة: كيف تعرفون أننا نخونكم؟
تنظر له وهي تلملم أفكارها قائلة: احساسنا
يخبرنا ومهما كذبناه يُثبت صدقه في النهاية.. كيف؟ لا أعرف!..
حينها عرفت أنه يخون امرأته التي لم تكن تعرف بوجودها حتى ذلك السؤال, تشعر بالذنب..
ثم تفكر قليلاً وتخبر نفسها بأنه من المنطقي أن يشعر هو بذلك الذنب لأن تلك المرأة
لم تأتمن سواه على قلبها..إذا ذنبه هو لا ذنبها.
تبتسم.. فيأخذها بين ذراعيه, ربما تلك هي اللحظة الإنسانية الوحيدة التي تجعلهم
يكملون تلك الزيارات لكهفهِ, لحظة دفء إنساني.
"هي" تلملم ملابسها في الصباح بحذر حتى لا توقظهُ وترتديها و تقّبلهُ في
نومهِ كـ بروتوكول للرحيل, تظل طوال يومها تحمل رائحة كهفهِ على جسدها, مزيج من
رائحة الوحدة واليأس وبقايا دفء, تستحم وتظل الرائحة بصورة باهتة.. لكنها تجيد التظاهر بأنها امرأة تحب الحياة حقاً.
"هو" يستيقظ, يقرأ الأخبار سريعاً .. يتناول قهوة ويحرق بعض السجائر,
يحدد مواعيد جديدة في كهفه ثم يخرج ليكمل مشاكسته للعالم كلهِ ويعتقد الجميع أنه
رجل سعيد جداً.
الكهف فقط هو من يعرف كل تلك الحكايات ويصمت.