22 نوفمبر 2016

حافة الحكاية



نافذة مغلقة بقماشة ممزقة, كنت أراها كل يوم حينما أفتح زجاج نافذتي, في البداية لم ألحظها, ثم في يوم ممل كالعادة قررت أن أفتح نوافذ غرفتي دون الخروج منها, أحضرتُ زجاجة نبيذ وقررت أن أظل في سريري وأنهمك في اللاشيء, إنني أعرف اللاشيء حينما أراه, بعض من قراءة المقالات التي لا فائدة منها وإنهماك في وسائل التواصل الإجتماعي كي أشعر ببعض الصخب في المياه الراكدة, لا شيء مهم على الرغم من أهمية كل شيء.
...
سألني إذا عاد الزمن هل ستؤيدين الثورة؟
ببساطة قاطعة أخبرته: لا.
...
القماشة ممزقة على النافذة, لكنها نظيفة, هناك شخص يحتمل الأشياء الممزقة على عدم النظافة, ربما ربة منزل عاملة لا تجد الوقت كي يأتي ذلك العامل الذي يطبع كل أرضية المنزل بآثار حذائه كي يضع لوحاً زجاجياً سليماً.
...
هل الجميع يود أن يصبح علي البدري حقاً؟
أنا أود ذلك.
...
تلك الشقة في الطابق الأخير, كيف يترك نافذته بلا زجاج, لو كنتُ مكانه لوضعت قضباناً حديدية, ربما هو رجلاً طاعناً في السن وأصبح لا يخاف أي سارق يهاجمه, أو حتى يقتله, لقد أصبح يود الموت ولا يخافه.
...
حينما سألكِ ابنك هل أنتم الجيل الذي ضيع كل شيء؟
أخبرتيه حينها أن الشيطان يكمن في التفاصيل لكن ربما حدث.
...
لقد لاحظت أن الشقة ليست قريبة وربما القماشة ليست نظيفة حقاً, النظر يخدع مع الزمن, ربما صاحب الشقة أصبح في بيت عجزة, أو ربما مات.
...
كيف حدث ياأمي؟
هل تتذكر اليوم الذي قررت فيه السباحة وأنت لم تتعلم بعد؟ كيف أنقذناك في اللحظة الأخير؟ الحكاية ذاتها لكن لم نجد من ينقذنا.
...
اليوم لم تعد هناك تلك القماشة, هناك زجاج جديد ملون بطريقة سيئة, إذا ربما باع الورثة الشقة.


The Painting: Standing on the Edge by Denise Shea

03 سبتمبر 2016

كل التفاصيل فرحة



طريق التيه طويل لا ينتهي, لكنني من قررته, واخترت طريق الحقيقة, ثم اكتشفت أنه لا يوجد حقائق مؤكدة, يوجد اعتقاد أن تلك هي الحقيقة, لكن الحقائق تمتزج بالقلب وتجعل الألوان مختلطة, الأزرق مسهُ الأصفر فأصبح أخضراً, لم أقصد لكن الحياة لديها اضافتها التي لا تخضع لأي إرادة, لذا فلأبتهج.. الحياة ذاتها قررت التدخل في حياتي..!
هل مللت؟ لم أفعل, كدت أن أفعل لكنني وجدته بهدوءٍ شديد لم أعتقده, كان يشبهني, حياته لا تملك تفسيرات واضحة, هو حاول مع التراث الجمعي وأنا رفضت, وتقابلنا في مفترق طرق, هو كان يفكر أن التراث الجمعي من التقاليد جعله في التيه, وأنا كنت بمنتصف التيه لأن أطرافي تجمدت وتساقطت خارج القطيع.
رجلاً اتبع كل القواعد وامرأة نبذت كل القواعد تم اللقاء بينهما, ووقعت الحكاية كلها, ما بين الأرض و بلوتو.
ثم وجدت أن الحكاية أبسط من كل تفاصيل أي مُدعي, بقية تفاصيلي لديه.
هل ستبقى بقية التفاصيل لديه؟
أتمنى ذلك, التفاصيل هي حكاية العمر, حكاية الحياة التي أستطيع حكايتها لأحفاده وأبنائه مني أو من غيري, كل شييء منه يحتمل التقديس, وأنا امرأة لا تملك شيئاً سوى قلبها, و حكاية عُمر.. ربما يوماً سأحكيها.. أو سأتوقف عن الحكي وأستمتع بها حد الثمالة .. وتنتهي الحياة بذلك الرضى الذي لا يُحكى عنه.
الصمت فرحة .. والكتابة فرحة.. والحياة فرحة .. وقلبك فرحة.. وأنا معك امرأة على قمة الرضا والفرحة.
كل الحكايات قبلك كانت "بروفة" لقدومك, وأتيت...

The Panting: Chaotic Craziness by Kris Haas

09 يونيو 2016

العالم خارج الورق



كم مرة كتبتُ مانيفستو كره البشر؟
أعتقد أنني لا أستطيع العد...

...
لحد ماتميت ست سنين
أنا كنت بحب البني آدمين 
وكرهت الناس من بعديها 
علشان نسوني أنا أصلاً مين*
...

عن العالم خارج الورق, مرهق حد الحزن, لقد صنع مني أخرى لا أستطيع التعرف عليها, هناك شيء من الشبه بيني وبين الجميع, ثم كل محاولاتي للتأقلم فشلت بطريقة ما, لا توجد قواعد واضحة, أو هناك قواعد لا تناسبني, الرحلة طويلة, والعمر مهما قصر فهو طويل يشبه ظلاً ل انسان بطول الزمن.

...
سَبتني الدنيا بستين أم 
وسَبتلها مية ملة ودين*
...

كنت قوية أكثر مما ظننت, ثم ظللت أحمل كل مشاكل العالم ماعدا التي لدي, لم أحمل يوماً مشكلة تخصني حتى نهاية الطريق, كأن مشاكلي هي احدى مميزاتي ولا يجب التخلي عنها, تعلم الحياة ليس بتلك السهولة.

...
وفي وقت السين 
أنا آخر جيم*
...

حكايات الوجع لو تذكرتها فقط أو حتى آمنت بذلك الإحساس الأولي لمرة واحدة لكنت نجيت في العالم لكنني أثور في اللحظة الأولى ثم أعود وأنسى وأمنح فرصة جديدة للعالم والبشر كي يثبتوا حسن نواياهم ثم أنسى أن تلك فرصة وأؤمن بحسن نواياهم, وأُقتل.

...
أنا جرح قديم كان متغطي 
اكمني مشتي ولابس كم*
...

لقد حزنت لكنني لم أبكي لأول مرة, لم أفهم, أول صدمة في حياتي لا أبكي فيها على الإطلاق.
اليوم نظرت للحكاية كلها فوجدت أن البشر حكاية كوميدية, وكنت في تلك الحكاية ونجوت أخيراً, فليبقى البقية في دائرة العبودية ولأعد لتسليتي في صف المتفرجين.
"إن الثور ينطحه"
"إنه يهرب من الثور"
"لقد قتله الثور"
تلك الحكاية الأبدية ولقد وقعت في الشرك وتحررت قبل أن يقتلني الثور.

...
أنا آخر تايب ف صحابي*
...

اكتشفت بعد العمر الطويل أن الكتابة لا تمسني سوى وأنا داخل حدود الوجع, ولأنني اكتب منذ مراهقتي كان اكتشافي أنني في آخر عام ونصف تقريباً كنت في منطقة بعيدة عن أي نقاط تماس مع ذلك الوجع.
لقد عشت عمراً كاملاً من الوجع حتى أنني لم أتعرف على شيء غيره وظللت لا أفهم سبب عدم تمكني من الكتابة.
الكتابة بالنسبة لي رد فعل يقيني الوجع مثلما يفعل هو, هو والكتابة شرنقتي الأبدية.
......


*من قصيدة "تفرانيل 50" ل مصطفى ابراهيم
Freedom is painting by Sandy Tracey


26 فبراير 2016

أغاني تسعينات.. Packages .. سُلم بالعرض


متعة الاستماع لأغاني التسعينات أصبحت تؤرقني, في البداية لم أفهم أسباب محبتي الغريبة لتلك الحقبة والمتعة التامة التي تمنحني إياها تلك الأغاني التي لا تحمل شيئا محددا يجعلني بتلك الراحة, في التسعينات لم أكن سوى طفلة, من المفترض أن أغاني الألفية أكثر ارتباطاً, الألفية حيث مراهقتي وبعض نضجي, ثم أدركت أن التسعينات هي الحقبة التي لم أكن بدأت اتخاذ أي قرارات فيها, تلك الحقبة التي لم أكن حصلت بعد على أي من حقائب أحمالي.

ربما بعد كل شيء لو عدت من جديد لذلك الفراغ الأبيض في حياتي لما اتخذت أي قرارات, حينما وصلت لعمري الآن اكتشفت أني أحمل packages  ثقيلة, كلنا لدينا, لكنني لم أعد أستطيع التحمل, قرارات خاطئة وطرق خاطئة ثم اختناق كلما وجدت أن الأحمال لا تذهب لأي مكان, تتكدس حولي, ولا أستطيع تبرير شيئاً بأفكاري الحالية, حينما حملتها لأول مرة كان لدي مبرارات واضحة وقاطعة ثم نسيت و تغيرت أفكاري. لم يعد لدي مبرارات ولم يعد لدي مفر من حملها.
فقط لو أستطيع العودة لآخر لحظة في تاريخي قبل اتخاذ أي قرار ليتجمد الزمن, وأبقى هناك ليتكرر آخر يوم ببعض الملل والكثير من الخفة لكنني لن أقابله بذلك الهروب أيضاً, لا حلول هنا.


حالياً أحمل السُلم بالعرض وظهري يؤلمني, وكل الأبواب لا تسع سُلماً بالعرض لقد حاولَ أن يُدخل ذلك الُسلم لكنه مرهق أيضاً, فأظل واقفة مكاني وأبحث عن فجوة زمنية لأعود منها كأي طفلة كانت تحب الخيال ولم تؤمن بالواقع سوى متأخراً جداً, لم تؤمن بالواقع سوى بعدما وجدتهُ، وذلك أيضا كان متأخراً جداً.