18 أغسطس 2009

الفانوس الأحمر!



منذ ألف عام لم أنم كالأطفال
طفولتي رحلت مني دون عودة
تاركة بقايا الحنين بلون الأرق
....


أحمرٌ كان ذلك (الفانوس) الأول في حياتي, أحملهُ في كفي دون مشقة تُذكر

لم أعلم حينها أنني يجب أن أُلقي تعاويذي بصوتي الطفولي الحاد و المزعج في آنٍ واحد , لأصنع أسطورتي الخاصة مع فانوسي
لكنني لم أعرف تلك الكلمات حينها التي تصنع أساطير الأطفال!


ليس قلة معرفة مني , لكنني ما يطلقون عليه ابنةُ الرجال, إنني طفلة أبي الوحيدة و المتشبهة بهِ حد النفور و المشاكسة, تربيتُ كأنثى تمنّوا يوماً في سرهم أن تكون ذكراً, لذا كنتُ دوماً أتصنع أنني رجلاً كبيراً لأتساوى بأبي, تناسيت أنني أنثى ..و لم أفطن _سوى متأخرا_ أن طفولتي أيضاً منسية.
كانت هدايا أبي دوماُ أشياء جادة, تُشبههُ كما تشبه ما تصّنعتهُ, لم يعتقد يوماً أن هدايا الأطفال ستثير فرحتي

لذا جاء أول فانوس متأخراً
كنتُ في الثامنة من عمري!
و حينها لم أخيب أفكار أبي, لأنني بكل بساطة لم تُصبني أي فرحة أو دهشة بذلك الشيئ الأحمر الذي يضيئ
كانت تنقصني الطفولة و التعاويذ!

..
كان من الممكن أن أعلم تلك العادات من هؤلاء الأطفال حولي,
لكن أبي أطلق اسماً يليق بتشبثي بوحدتي
القط النفور
نعم .. كنتُ أبتعد جدا عن البشر أو احتمالات وجودهم, لذا جاء الفانوس الأحمر دون تعويذته!
...

مؤخرا حصلت على أنوثتي عندما أصابني العشق, لأطلب بتمرد طفولي أنثوي من حبيبي أن يُهديني فانوساً أحمر اللون ليس كبيراً كي أستطيع أن أحملهُ في كفي و اشترطتُ عليه كمن يتحايل على الزمن بأن يكون ذلك الأحمر لا يرقص .. لا يغني .. و لا يفعل تلك الأشياء العجيبة التي تخص زمننا الحالي!

لأنني قررتُ أن أمسك فانوسي الأحمر
و بصوتي الذي مازال مزعجاً أتلو تلك التعويذة بعدما أهداها لي العمر الفائت

حالو يا حالو
رمضان كريم ياحالو
حل الكيس و ادينا بقشيش
لنروح ما نجيش يا حالو!