07 يوليو 2019

الموت كان يناسبه أكثر


عاشت حياتها امرأة تمشي على خشبة المسرح، تُغوي الضحك ولا تضحك، حتى أعتقد الجميع أنها امرأة لم ترى الحزن.

ذلك الراوي العليم لم يُخبرهم بأنها تتوسد الحزن كل ليلة في حميمية ليست بريئة ثم تستيقظ كل صباح، تنظر للمرآة فترى ألف بهلوان حولها ولا ترى صورتها تنعكس أبداً، فتبدأ بتحضير كوب القهوة سريعة الذوبان بأربعة ملاعق قهوة، دون سكر وقليل من اللبن البارد، لقد تعلمت منه أن القهوة الصباحية بأربعة ملاعق، لم تحب تغيير روتينه، الروتين هو ما يُبقي بعض بقايانا.


في المسرح بدأت تمثل بروفات حكاية حب جديدة وهي الكاتبة، الحبيب مات منذ سنوات لكن البطلة لا تعرف، تعتقد أنه يحاول أن يجعلها تتعلق بهِ أكثر، حكاية براقة، مرعبة تُشبه قصف المدافع، لم يذهب للحرب، فهي تنتظر أن يعود من جزيرة مسحورة ما، لقد ذهب هناك كي يحضر لها زهرة زرقاء من أسطورة اخترعتها لهُ كمزحة، ثم اختفى في اليوم التالي، هي في انتظاره حتى بدون تلك الزهرة الزرقاء، لكنه عنيد لن يعود سوى بها، ترقص من عمق المسرح حتى المقدمة ثم تدرك أن زهرة ذابلة زرقاء أمامها.


لقد كانت الزهرة هنا في كل عرض، ولكنها أغوت الجمهور، وأقنعته بأن الميت حي، ولكنها هي أكبر دليل أن الميت يبقى حياً، هي في منتصف دائرة الإضاءة الزرقاء، تنام في وضع الجنين، تبتسم وتحكي 

"مات منذ زمن لكنني قررتُ أن يظل حياً حتى أتذكر تأنيبه كلما جلست ليلاً أخونه مع الحزن"

ثم جلست في مواجهة الجمهور وضحكت بمكر وقالت

"ربما لم يمت، وأنا من قتلته، والوردة الذابلة كنت أنا"


أو ربما 


"هو في مكان ما يعيش حياته، وأنا الميتة التي لا تحيا سوى على المسارح، لكنني رأيت الكواليس أيضاً"


صمت 

إضاءة حمراء 


تبدأ الكلام بحشرجة ثم يصبح الصوت لعوباً


"كان أجمل من أن أبقيه في حياتي، الموت أحلى لجالبين السعادة الوهمية"


إظلام


Painting: Andrew Atroshenko