09 يونيو 2010

خارج النص





و المؤلف الذي لم يكف عن تصريحاته
عني..
سيلقى حتفه..
بعدما يئس من عودتي للنص
(صفاء البيلي- تانجو..لامرأة وحيدة)

**
يؤرقني جداً وجودي في صورة بطلة دائمة, تعاني من جميع أعراض الإكتئاب المزمن, الناتج عن تلك التقلبات المُريعة التي تُصيب حياتي, لا يد لي في كل ما يحدث , ذلك المؤلف الذي أخرجني من أفكارهِ يوماً , يُصر كل يوم على تغيير شخصيتي بناءاً على مزاجهِ الشخصي, اليوم قرر أن يصورني كـ امرأة لعوب تجيد فنون الإغواء, حاولتُ اثناءه أن يكتبني بتلك الصورة المُهينة التي لا تعبر عني البتة لكنه أصر أن يبدأ قصته القصيرة عن عشقي المبرح في كوني مركز الكون.

في عينيها اغراء يعدك بأشياء كثيرة, ربما لن تنال منها شيئاً, لكن بريق الوعد الممزوج بالرغبة فيها يجعلك تتبعها, ذلك الإغراء التي تجيده تلك الأفعى الناعمة حتى تملك صولجان الحكم لعشيرة الرجال, الأغبياء منهم فقط من يتبعونها, تخطب ود الجميع ببراءة مُصطنعة, براءة تشبه الميوعة أكثر...

مزق الورقة بعدما اتصلت حبيبته لكي تصالحه و تحاول محو تلك الظنون التي تدور في رأسهِ , إنها لا تعرف نصف ما أعرفه عن حبيبها المجنون! عاد بابتسامة طيبة لا أتذكر أنني رأيتها كثيراً على محياه, ليبدأ الحكاية بصورة أنثوية دافئة, تشبه حبيبته كما قرر أن تكون الآن, احدى لحظات صفاءهِ معها. في الحقيقة تلك الصورة تناسبني أكثر, لقد بدأ يكتب من جديد

في الكون علامات كثيرة تُنبئك عن القادم, و لأن العالم أصبح مادياً لا يعبأ بتلك الغيبيات, فإن امرأة ملائكية تُشبه الحلم, لا يراها الكثيرون أو لا يراها سوى من يبحث عن تلك العلامات, منذ رأيتها و قد قررت أن أتبعها حتى الجنة! بالطبع هذه الملاك طريقها لا يؤدي سوى للجنـة ....

لقد أخرجني ذلك المجنون مرة أخرى و مزق الورقة , بعدما أصبحتُ رقيقة كـ حلم طفلة وديعة,طفلة تمرح في مروج خضراء, تتماوج روحها البيضاء كـ نهر رائق. لقد أصابني بالارهاق حقاً, لا يثبت على حال اطلاقاً, هاجسهُ يقلق راحتي, أشعر أن هاجسه هو ذلك المُتسلط الذي انفصلتُ عنه قبل أن أخرج من أفكار ذلك المؤلف لحياة الورق! يتبعني كي يحول حياتي لجحيم, يتسلط على أفكار المؤلف, و لم يعد لي أي حيلة لأنني أصبحتُ على الورق, في زمنٍ مضى كنتُ أصنع الكثير كي أجعل المؤلف متزناً, لكنه منذ أن قرر أن يكتب الأنثى و أخرجني حتى يتسنى له الكتابة, تاركاً ذلك الهاجس بداخله, لتتحول حياتي لتقلبات كل ثانية, نفسيتي لم تعد تحتمل, ليس معنى أنني شخصية من أفكاره أن يعتقد أنني لا أملك أفكاري الخاصة, سأجعله يندم حقاً و ليجعل ذلك الهاجس ينفعهُ!
يُمسك القلم من جديد, بعدما وسوس لهُ هاجسه بأنه أحمق كالأطفال لأنه سمح لنفسه بأن يصدق امرأة! أي امرأة جديرة بالتكذيب لأنها من ضلع أعوج.

الضلع كان أعوجاً لحكمة واضحـة...

من أخبرك أنني بطلة سلبية, لن تكتب سوى ما يناسبني و يناسب أفكاري, ستظل تُحدق في قلمك دون أن تكتب جملة مكتملة, مادمت قررت أن تستمع لهاجسك دون أن تراني, من الأفضل لك أن تكتب عن أي شيئ سواي, سأسترخي على أول السطر و لن أسمح لك بالبدء قبل أن تراني. أي ضلع أعوج ذلك الذي له حكمة؟ الحكمة من أن ذلك الضلع أقربهم للقلب و ليس بأنه أعوج, لو كان لي كيان مادي, لـ كنتُ أمسكت بـ مبرد الأظافر كي أهذبها _أظافري_ حتى يتسنى لك الوقت لتهذيب هاجسك اللعين.
ها.. لقد أمسك القلم مجدداً!

لا أستطيع الإمساك بالأنثى كي أكتبها, المعين ينضب....

من الأفضل أن تكتب أن بطلتك فرت من هاجسك, ربما تلك توطئة لفرار أي تأنيث من حياتك, فلتحاول أن تكتب عن العالم الذكوري فقط, فلتتخيل عالم لا تُدخلني فيه. هه.. أرى أنه ترك القلم و ذهب, فليذهب كي يحتسي بعض القهوة و يدخن سيجارة كـ كل الكُتّاب الفاشلين الذين يبحثون عن الإلهام في رائحة القهوة و دخان السيجارة, ليتني جعلته يكتب عن مبرد الأظافر حتى أستطيع تزجية وقتي حتى يعود لصوابه.
...
أستيقظ لليوم السابع على التوالي, بتكاسل مفرط, لا يؤرقني المؤلف منذ ستة أيام , يأتي و ينظر للورقة دون أن يجروء على الإمساك بالقلم , هاهو يعاود الكرة مرة أخرى , لم يحلق ذقنه منذ تَمنّعي عليه, يُشبه هؤلاء الرجال البدائيين كما ترسمهم كتب التاريخ, تلك النظرة الزائغة , ربما من الأفضل أن يكتب عن حالته التي يُرثى لها, ألم يخبره هاجسه بأن ذلك نهاية من يتبع الأنثى حتى لو في طرق خيالية؟ ذلك الهاجس الذي يكرهني منذ تركتهُ , ربما من الأفضل أن أخرج إلى العالم تاركة ذلك المؤلف كي يتسامر مع هاجسه دون أن أتلصص عليهم, سأتبع حبيبة المؤلف التي تركته بعدما سئمت الوجع, ربما نستطيع أن نقتل هاجسه, لا يهم ما سيحدث, الأهم أنني فعلت ما أود , سأترك أول السطر كي يستطيع الكتابة دوني, إن استطاع بالطبع!

...
هاجس يؤرقني, يخبرني أن بطلتي رحلت, هل للهاجس صوت أنين حقاً؟ أم أنني أهلوس!
..



Digital Painting by Linda Greenberg