04 يوليو 2010

فنجان شاي خفيف


نُشرت في جريدة الجيل الأسبوعية الأربعاء, 4 أغسطس 2010

طلبت كوباً من الشاي الخفيف في ذلك المقهى الجديد , لم تكن تحب المقاهي الصاخبة التي يرتادها الجميع طلباً للصخب لكنها كانت تواصل الخروج من ذاتها المُنهكة, أتاها فنجان الشاي , و على الرغم من أنها تكره الشاي في فناجين لكنها بدأت في ارتشافه بقناعة ليست موجودة.
إنها تكره الشاي الخفيف أيضاً, لكنهُ لأسباب كثيرة هو الأنسب لها في المشروبات الدافئة, الأنسب و الأفضل كلمات لم تكن تعيرها اهتماما منذ وقت ليس ببعيد , لكنها الآن تفعل ما هو الأفضل و الأنسب و المتاح أحياناً , ربما ليست حكمة و لكنها فهمت أخيراً أنها واصلت العناد حتى استهلكت روحها تماماً و لم تعد هناك قوة بداخلها , فقط بعض الذكريات التي تجعلها تعرف أن الحلول العادية و التقليدية كانت أفضل لها.
لن يلاحظ أحد التغيير , لأنها مازالت تُفضل المشروبات الدافئة عن العصائر , لم تغير العناوين الرئيسية , فقط المضمون لم يعد مهماً, ربما فكرت أكثر من مرة أن تحتسي في فنجان الشاي ماءاً مغلياً فقط , لن يعرفوا, لأن الماء المغلي يُخرج بخاراً , و الفنجان ليس شفافاً و مادامت لن تشرب ما تحبهُ لأنهُ ليس الأفضل إذا الماء هو أفضلهم على الإطلاق , شفاف لا يتلون , ليس مراً و لا حلواً , فقط لا مذاق لهُ , و الأشياء التي لا تحمل مذاقاً لا تجعلنا ننتظر أي شيئ , لا تمنيات , و لا احباطات .
تشم رائحة قهوة تركية , قوية الرائحة , تميزها جداً , فـ تشعر بحنين مخلوط بالحبهان لكنها لا تسمح لنفسها بأكثر من حنين عابر, لم تعد تفهم إن كانت تهرب طوال الوقت مما تُحبه أم أنها لم تعد تهتم كما في السابق؟
كل الأشياء التي أحبتها أصابتها بالكثير , و الكثير هذا ليس جيداً على الإطلاق , إنه سيئ لدرجة أن ايمانها بالأشياء أصبح مشوشاً , ربما لم تعد تُفكر في الأشياء و الأحداث و الأشخاص , كل شيئ يمر و لا يعبر بداخلها , ذلك أفضل لأن داخلها لم يعد يحتمل أي زيارات من الخارج.
لم تعد تستطيع اكمال فنجان الشاي, الأفضل ليس رائعاً بالنسبة لها , لكنها باصرار تواصل الرشفات و هي تخبر نفسها بأنها لم تترك لنفسها قوة تجعلها تتمرد مرة أخرى و من الأفضل أن تكمل فنجان الشاي الخفيف الذي لا تحبهُ.
PAINTING BY YOUQING WANG