17 يوليو 2010

محبوسة في مراية



اتولدت يوم جمعة ، وقت مطرة ، فعز النهار ، على إيد داية ممكن تقول مصير كل مولود من ساعة ولادته ، وتفضل مستنية يتحقق اللي قالته وتضحك ف سرها وتفتكر إن الدنيا علمتها كتير ، وإن كل إنسان بيتولد مكتوب على وشه قدره ، وتآمن أكتر إن ربنا منظم حياة الناس على يوم وساعات ميلادهم . " مش هتموت إلا عجوزة ، وهتكون أجمل بنت فـ الدنيا " . ابتسمت أمها وحست ف ثانية واحدة إنها خلفت ست الحسن .
كل يوم كان بيعدي كانت أمها بتراقبها ، وتفكر بينها وبين نفسها إن البنت فعلا حلوة ، أجمل من كل البنات ف سنها . ومع الوقت آمنت أكتر بكلام الداية.
طبعها من صُغرها هادي , رموشها طويلة و عنيها واسعة متكحلة رباني , شعرها طويل شبه موج البحر لما تشوفها تحس إنها حلم مالوش خيّال , ( ربنا خلقك عشان تعقدي بنات حوا ) دايما أمها كانت بتقولها كده .
ابتدت تحس بجمالها من صغرها , كانت بتبعد عن أي بنات ,قرايبها أو ف المدرسة , أو حتى الجيران , دايما شايفة ف عنيهم غيرة , و أمها دايما بتأكدلها و تقولها ( جمالك هيخلي كل البنات غيرانة منك فـ ابعدي عنهم وسيبيهم يقهروا ف روحهم)
دايما ست الحسن حاسة إن أختها بتكرهها ,و بتحاول تعمل نفسها أحسن بشطارتها ف المذاكرة , أول ما تشوفها أودام المراية بتسرح ف شعرها و لا بتبص على جمالها , تجري تجيب كتاب و تقعد تقرا فيه , مش عارفة تداري غيرتها!
(الجمال من غير عقل مالوش لازمة يا ست الحسن) أختها دايما بتقولها كده لكن أمها كانت بترد علطول و هي بتضحك ( ده قصر ديل يا أزعر)
هي دايما حاسة إنها أميرة , بـ نظرة من عنيها تنور النجوم ف السما , تقعد في أي مكان و تتفرج على نظرات الإعجاب و الحسد من اللي حواليها , و هي ماشية ف الشارع مع مامتها كانت بتراقب ملامح أي شاب يبصلها و هي فرحانة من جواها بس اتعودت إن ملامحها تكون باردة كأنها مش واخدة بالها أو مش مهتمة .
الزمن بيعدي , و بقت ست الحسن ف العشرين , عز الطلب بحلاوتها و جمالها , العرسان بتيجي و تروح ., لكنها و لا مرة شافت عريس , أمها لسا ما لقتش اللي يليق بيها , مفيش خروج لأنها مالهاش صاحبات , وأختها ف دنيا تانية بعيدة اوي عنها , بقت لما تحاول تقرب من بنات جيرانها تلاقيهم بيهربوا منها , دايما بيعاملوها عن بُعد , مش عايزين يقربوا منها, أكتر من صباح الخير و ازيك مفيش , كانوا شايفينها واحدة كل اللي هاممها شكلها و جمالها . و كانت بتريح نفسها و تقول ف بالها (دول بيغيروا مني) .
بس يعني كل البنات دول أنا أحلى منهم؟
يعني أنا حلوة أوي كده , طيب و هافضل حلوة؟ , طيب هو عشان حلوة يبقى ما ينفعش أخرج براحتي و لا حتى يكون ليا صاحبات؟ .. كانت دايما بتسأل نفسها و ما تلاقيش اجابة ..
مع الوقت بقت حاسة إنها روحها مخنوقة , تيجي تبص ف المراية تلاقي ملامحها بتتغير , عنيها بتدبل .
بيتسرسب جواها سؤال خايف ..يعني الجمال ممكن يروح مني؟
تبص حواليها , حاسة إن حيطان الأودة بتقرب اوي , هتعصرها .
هو الحلوين لازم يفضلوا جوه القفص؟ عصافير ملونة للفُرجة؟ يعني العصفور اللي ف القفص ذنبه إنه ملون؟ لو كان عصفور رمادي عادي كان هيفضل حر طاير ف السما؟
كل العصافير الرمادي بتغني و تطير بدل العصافير الملونة , العصافير الملونة دي للفرجة بس .....
بصت ف المراية مالاقتش ملامح ليها..!
ابتدت فجأة تبطل تبص ف المراية و تفضل ف سريرها ساكتة طول اليوم بتقوم بالعافية . أمها راحت جابت المبخرة و حطت بخور و جابت ورقة قصتها على شكل عروسة و قالتلها (محسودة يا بنتي , خطي على المبخرة سبع مرات ) و مسكت دبوس و قعدت تخزق ف عنين العروسة الورق و تقول
(من كل شر حاسد إذا حسد)
(من كل عين شافتك و لا صلت عالنبي)
(رقيتك من كل عين و استرقيتك يا....
فجأة ست الحسن راحت ماسكة المبخرة و راحت حدفتها ناحية المراية اللي اودامها .. و صرخت (أنا مش عايزة أكون حلوة ) و افتكرت كلام الداية اللي حفظته من أمها " هتكون أجمل بنت فـ الدنيا " ففضلت تردد الجملة بشكل هيستيري ، بشكل جنوني..
أجمل بنت فـ الدنيا بس محبوسة في مراية.