04 نوفمبر 2020

أحبكَ أكثرُ تعقيداً

 

 لا أقعُ في غرام الشخصيات المُعتادة التي _ربما_ تأخذك لوهلة قصيرة  بالوسامة، والذكاء والكاريزما.. 

كل تلك التفاصيل تؤهل الشخص ليصبح صديقي، لا شيئاً أكثر!. 

 أشاكسهم مثل أطفالي.. بالأحرى لو كان لدي أطفال لشاكستهم بنفس الطريقة.

الحقيقة أنني أقعُ في غرام الشخص الغير مُعتاد..

نظرة عينيه وذكاءه حينما أشعر بهما فقد وقعت دون أي كلمة.. لا كلمات هنا، نظرة بلهاء مني لا تُشبه أياً من خبراتي. 

ثم أسقطُ حتى آخر الحافة.. 

ربما هو مُحطم، مجنون، قاتل، أو حتى مقتول.. 

أحب التعقيد لا البساطة، البساطة مملة، مملة جداً ولا تناسب لون عيناي.


The painting is "killing you softly" by wangechi mutu

06 ديسمبر 2019

اليوم الرمادي


حكاية بنت ضلت يوماً الطريق خارج مملكتها السحرية، تلك المملكة بداخلها بنات يحتفظن بتفاصيلهن الصغيرة المُبهجة.
...................................
كانت الغيوم يومها تغطي الأرض كلها، إنه اليوم الرمادي الذي لا يأتي سوى مرة واحدة كل سبعة عقود من الزمن، ذلك اليوم الذي يُفقد فيه نصف بنات المملكة ولم تعد منهن أي بنت لتخبرهن ماذا رأت.
 لكن كل عدة أعوام يجدنَ بنات صغيرات على البوابات دوماً يحملنَ ورقة مكتوب فيها أنها إحدى بنات أو حفيدات بنت سابقة واسمها واسم أمها أو جدتها!
...................................
بقيتُ بجوار النافذة طوال الليل أنتظرُ بداية اليوم الرمادي كما سمعت عنه من حكايات البنات القديمات، لقد عرفت أنني حفيدة جدة ضلت في اليوم الرمادي منذ أربعة عشر عقداً، استغربتُ قليلاً لأنني لم أفهم كيف يُصبحنَ البنات أمهات أو جدات، تلك الحكاية كانت تُضحكني أحياناً، لم أكذبها، ولم أصدقها أيضاً.
..................................
اليوم هو الذي ربما سيؤكد ما يحكونه، أو ينفيه، إنه اليوم الرمادي.
بدأ عند الفجر، بدا يوماً عادياً خاصة بعد أن غمزت لي نجمتي المُعلقة على الشجرة ثم منحتني بعض التين ليؤنسني في سهري كما تفعلُ دوماً، ثم بدأ ضوء النهار البنفسجي يتسلل عبر النافذة، حالة من الضحك أصابتني لأن سذاجتي جعلتني أصدق تلك الحكايات وقررت أن أذهب للنوم لكن النجمة منحتني هذه المرة شيئا لا يُشبه التين، لونه أحمر فظللتُ أقلبه بين يدي بإستغراب، حتى جاء الصوت من داخلي أنها "تفاحة" أرسلتها لي أمي، أمي؟ لا أعرف أمي، ولا أعرف كيف تكون الأمهات، لكن التوق لمعرفة كل تلك الأشياء جعلني أقضمها قضمة صغيرة ببعض التوجس، مذاقها حلو، فأكملتها ثم بدأ الضوء البنفسجي يُصبح مزعجاً بلونٍ فاقع، كيف أصبح النهار مزعجاً؟ لقد اختفت الغيوم من الأرض أيضاً، ثم غلبني النوم.

استيقظتُ لأجد بنت تنظر ليَ، لها نفس ملامحي لكنها تحمل تجاعيداً حول عينيها وفمها، تلك أول مرة أرى بنت متغضنة، حتى أنني فكرت أنها ربما نبتت كالتين على شجرة ثم قُطفت منها وتركت عدة أيام لتتغضن، نعم ذلك واضح بالطبع.
ابتسمت البنت لي ثم أخبرتني أنها أمي، لم أفهم، تلك كانت حكاية مُسلية و ربما ذلك حلم لأنني ظللتُ أفكر فيه، كل ذلك ليس حقيقياَ بالتأكيد. 
بقيتُ صامتة، اقتربت البنت المتغضنة مني فأجفلت ثم تركتها تحتضنني.
............................................
أيام وأيام أحاول العودة لمملكة البنات، لكن البنت المُتغضنة كانت تبكي ولا تتكلم حتى كفت عن البكاء يوماً وقررت أن تحكي حكايتنا، أحضرت لي ورقة ملونة عليها بنت مجعدة ذات شعر فضي و نظرة حزينة وبدأت كلامها.

"تلك جدتك التي ضلت من مملكة البنات منذ أربعة عشر عقداً، لم أكن أعرف تلك الحكاية حتى أخذتكِ يوماً لنزهة صباحية وعادت دونك، أعتقدتُ أنها فقدتكِ وظللتُ أصرخ وأبكي حتى أخبرتني أنها تركتك في مملكة البنات! لم أفهم وأعتقدتُ أنها جنت وذلك بدا منطقياً نسبة إلى عمرها الذي فاق المائة عام، فتركتها لأبدأ البحث عنكِ في كل مكان، حتى يئست وعدتُ اسألها من جديد، لكنها أصرت على حكايتها..!
حكايتها كانت مجنونة لا تصدق، مملكة تعيش فيها البنات، لا تتغير تفاصيلهن، لا يكبرن، تظل أرواحهن وملامحهن نضرة! لا تتغضن، ولا تصبح أي واحدة منهن امرأة، بالطبع لا تعرفين ماهي المرأة؟ إنها المرحلة التالية للبنت، تُشبهني، أنا امرأة، أرواحنا تثقلها التفاصيل، ولا نبكي لأن الحلوى نفدت منّا، لكن بكاءنا لأن الروح هي التي نفدت. لم أصدق جدتك في وقتها، لكنني كنت أحاول تصديقها حتى لا أفقد الأمل في عودتك، بالطبع لا تعلمين كيف يكون فقدان الأمل؟ 
ابتسمت الأم وأكملت: ثم جاء يوم موتها منذ عامين، أخبرتني أنني أستطيع استعادتك في اليوم الرمادي، وأخبرتني باليوم وبالطقوس، الطقوس أن أجلس بجوار شجرة التفاح التي زرعتها جدتك منذ زمن وأهمس لكِ كي تعودي.. وها قد عدتي
..........................................
حدث كل ذلك من زمن، حتى أنني أصبحتُ أتذكر مملكة البنات كحلم مررت بهِ حينما كنت صغيرة، كل التفاصيل الصغيرة المُبهجة ماتت يوماً بعد الآخر، التغضن سمة النساء في هذه الأرض، لم أستطع الغفران لأمي كلما مر الزمن. 
اليوم تركت ابنتي على بوابة المملكة ومعها رسالة لكل البنات اللاتي يتذكرنني ألا يضللن الطريق في اليوم الرمادي, ثم عدت إلى البيت وقطعت شجرة التفاح من الحديقة.

The painting: A Grey-day, Ypres, 1919

03 نوفمبر 2019

يوم على طريقة سيزيف في المحيط



تحب النبيذ؟؟

أنا أيضاً أحبه وربما أحبك..
لذا أرتشفهُ من على جلدك على مهل..
مذاقهُ أحلى.. أكثر حميمية، يرتعش جسدي من اللذة الحارقة، ملح جسدك يحرق شفتاي.

إنه يُشبه تلك المرة التي ارتشفت ملح البحر من على شفتيّ، الأمواج غمرتنا، المطر أغرق وجوهنا، ثم دون أي اتفاق سبحنا لتلك الصخور في ذلك المحيط وتوقفنا في لحظة واحدة واعتصرتني، تعلقتُ بك لترتشفني، أرتشفتك، اعتصرتك أو اعتصرتني لقد توقف العالم كله وتوحدت فيك، وتبللت مياه المحيط.
***
هل كانت المياه زرقاء ثم تحولت لبياض الثلج؟
ربما..!
لكننا عدنا للرمال.. واحرقناها من سخونة أجسادنا.
***
بعد منتصف الليل
و زجاجة نبيذ، الطقس أمسى يُشبه مزاجنا.
نتمشى، تلمسُ يدي بعشقاً خجولاً، فأخبرك أن تصبح أكثر جرأة..! 
فتخبرني أنك تحبني أكثر مني، فأضحك.
***

ثم على البحر تحت إضاءة مسرحية تغمرنا، تتوسدني، يؤرقني رحيقك، فأرتشفهُ دون مهل.. 
الليل لا ينتظرنا وأنا لا أحب الإنتظار، لا أحب الإحتراق، ولكنني أحترق، ثم تطفُئني وتبدأ من جديد، وكأنني سيزيف لكن بدلاً من العذاب وجدتك.
وجدتك لـ ليلة واحدة فقط.

Making Love in the rough sea - painting by Branko Brane Kastelic


07 يوليو 2019

الموت كان يناسبه أكثر


عاشت حياتها امرأة تمشي على خشبة المسرح، تُغوي الضحك ولا تضحك، حتى أعتقد الجميع أنها امرأة لم ترى الحزن.

ذلك الراوي العليم لم يُخبرهم بأنها تتوسد الحزن كل ليلة في حميمية ليست بريئة ثم تستيقظ كل صباح، تنظر للمرآة فترى ألف بهلوان حولها ولا ترى صورتها تنعكس أبداً، فتبدأ بتحضير كوب القهوة سريعة الذوبان بأربعة ملاعق قهوة، دون سكر وقليل من اللبن البارد، لقد تعلمت منه أن القهوة الصباحية بأربعة ملاعق، لم تحب تغيير روتينه، الروتين هو ما يُبقي بعض بقايانا.


في المسرح بدأت تمثل بروفات حكاية حب جديدة وهي الكاتبة، الحبيب مات منذ سنوات لكن البطلة لا تعرف، تعتقد أنه يحاول أن يجعلها تتعلق بهِ أكثر، حكاية براقة، مرعبة تُشبه قصف المدافع، لم يذهب للحرب، فهي تنتظر أن يعود من جزيرة مسحورة ما، لقد ذهب هناك كي يحضر لها زهرة زرقاء من أسطورة اخترعتها لهُ كمزحة، ثم اختفى في اليوم التالي، هي في انتظاره حتى بدون تلك الزهرة الزرقاء، لكنه عنيد لن يعود سوى بها، ترقص من عمق المسرح حتى المقدمة ثم تدرك أن زهرة ذابلة زرقاء أمامها.


لقد كانت الزهرة هنا في كل عرض، ولكنها أغوت الجمهور، وأقنعته بأن الميت حي، ولكنها هي أكبر دليل أن الميت يبقى حياً، هي في منتصف دائرة الإضاءة الزرقاء، تنام في وضع الجنين، تبتسم وتحكي 

"مات منذ زمن لكنني قررتُ أن يظل حياً حتى أتذكر تأنيبه كلما جلست ليلاً أخونه مع الحزن"

ثم جلست في مواجهة الجمهور وضحكت بمكر وقالت

"ربما لم يمت، وأنا من قتلته، والوردة الذابلة كنت أنا"


أو ربما 


"هو في مكان ما يعيش حياته، وأنا الميتة التي لا تحيا سوى على المسارح، لكنني رأيت الكواليس أيضاً"


صمت 

إضاءة حمراء 


تبدأ الكلام بحشرجة ثم يصبح الصوت لعوباً


"كان أجمل من أن أبقيه في حياتي، الموت أحلى لجالبين السعادة الوهمية"


إظلام


Painting: Andrew Atroshenko

22 يناير 2019

Monodrama



(على خشبة المسرح، تحت بؤرة الإضاءة، وقفت تحكي حكاية...)
-أحببته
(ثم أغمضت عيناها)
-أحببته وكرهتُ الآخرين.. 
(صوت اعتراض منها ثم)
_سأحكي مشهداً واحداً من 1337 مشهد، كُنا بالأوبرا نجلس في ذلك المقهى هناك، كنتُ سعيدة
 (ضحكت)
أنتم لا تفهمون حينما أكون سعيدة، أصبحُ كالدهشة، لا تسألوني كيف، وكان هو رائعًا، مدهشًا يليقُ بأسطورة من خيالي.

(توقفت نظرت إلى اليمين، وأغلقت عيناها في وجع ثم عادت في مواجهة الجمهور الخيالي لتصيح)
-ولماذا أظل سعيدة؟ سؤالٌ لا جواب له. في تلك اللحظة نظر هو إلى رجلٍ يجلس على طاولة بجانبنا ثم سألني
- هل تعرفيه؟ 
-نظرت ثم قلتُ لا
-هو: ولماذا ينظر؟
-أجبته بسخرية: ربما أعمى
ثم تكرر المشهد اليومي بصورة جديدة حينما أخبرني أنه من المؤكد أنني أعرفه، ثم طارت سعادتي منذ دقيقة وعشرة ثوانٍ، وبدأتُ أنظر للرجل الذي على الطاولة استعداداً لكرهه، رغم عدم معرفتي المسبقة به. تجادلنا أنا وحبيبي حتى وصلنا المنزل ثم صالحني فبكيت، فقبلني ثم صنعنا ليلة جديدة.
آه السؤال هنا متى كان آخر مشهد؟
أعتقد حينما كرهت كل من أعرفهم ومن لا أعرفهم، ثم قررت المواجهة
لقد كرهت العالم اللانهائي بدلاً من كُرهك أنتَ، فأنتَ الأولى بالكره وأنت لست حبيبي.

(خرجت من بؤرة الضوء تضحك وهي تغمغم، ربما كرهته فعلاً!)

The photo by George Mayer

02 نوفمبر 2018

فصلٌ أول في حكاية ربما لم \ لن تكتمل

لماذا لم تعودي تكتبيين

سؤال بسيط لم أعد أعرف إجابته
...

فقدتُ اللغة, لم تعد راحتي مع الكلمات، شرخ في حائط الأمان مع العالم، لكنني مازلتُ أملك ناصية التفاصيل, أحكي كل يوم ألف حكاية، أبكي، أضحك، أرقص، مازلتُ أحيا بشروطي وأحب الحياة وأكرهها في ذات الثانية
...محاولة كتابة حكاية جديدة

أول رسالة:
أخبرها
Your eyes mesmerized me
فضحكت وكتبت له: لستَ بأول شخص.

مقابلة أولى:
أخبرها كل شيء، فابتسمت وأحبته.

ليلة أولى:
حضر لها "ستيك" مع نبيذ أحمر، لم تخبره يومها أنه اسوأ "ستيك" تذوقته في حياتها، واكتفت بأن تلك أول ليلة حب في حياتها، استيقظت بين ذراعيه صباحاً كأسعد امرأة منذ بدء الخليقة.

هدية أولى:
أهدته كؤوس نبيذ لأنها لا تتذوق النبيذ في كوب عصير!
أهداها ورد وشيكولاتة كهدية تقليدية في عيد الحب وأخبرها أنه وجد الجميع يشتري هذه الأشياء، لكنه ليس ذلك الشخص على الإطلاق، لكنه سيستمر في شراء الورد لسنين أخرى.

البداية:
أخبرها أن العشق في قلبه يُكفي كل النساء، لكنها ستصبح حبيبته الوحيدة.
أما هي فمنحته التفاصيل، كل التفاصيل، حتى قارئة الفنجان أخبرتها أنها لا تملك أي تفاصيل مستقبلية في فنجانها، وبعد الفنجان العاشر أخبرتها قارئة الفنجان أن تفاصيلها لم تعد لها!

التفاصيل:
تلك الأشياء الصغيرة اليومية هي التي تفرحنا ثم تقتلنا، فنجان قهوة الصباح برائحة الهيل وابتسامة مع ألف قُبلة، حكايات الصباح، شمس يوم الجمعة صباحاً على السرير وهما معاً يتكلمان بصوت خافت على أشياء تافهة بمتعة شديدة.

الجمعة في أول عام:
تحضير الإفطار صباحاً وفيروز تغني لهما في مطبخ أبيض مشمس، رائحة زيت الزيتون والزعتر، الكثير من البقدونس والنعناع الطازج.

ليلة كريسماس أولى:
على أغاني الجاز كانت أول رقصة لهما، يومها بدأَ لعبة الأسئلة، كيف ستصبح تفاصيلهم في الكريسماس العاشر، حبهم، أطفالهم.. ثم نبيذ أحمر، فستان أحمر، أغاني جاز، حكاية عُمر في ليلة الكريسماس.

أول يوم في العام الجديد "مرة أولى":
أحضرت كوبان من الشيكولاتة الساخنة والمارشميلو، فطلبَ قهوة، فضحكت.
 
ثم أصبحت حكاية ذات فصول طويلة من عدة نهايات, ربما يوماً ستستطيع أن تخبرني إياها أو ربما لن تتذكر.



The painting is Faces of Love by Artist A.B. Kaser

14 نوفمبر 2017

فورمالين


الفورمالين ليس لحفظ الحكايات
ولكنه يحفظ الجثث من التحلل
رائحته أقوى من التعفن.
.....
الجثث يجب أن ترقد في سلام
.....
الأمل خطيئة
الموتى لا يعودون
لكننا لم نعرف
ولم نودع أحداً
.....
مشهد متكرر:
زجاجة الفورمالين
لننثر الرذاذ
على اللحظات الأخيرة
...
في ذلك الركن القصي أجلس
حولي جثث متناثرة
فـ كل مرة أرحل
أعود بجثة جديدة..
.....
الدائرة مغلقة
تنتهي الدائرة الأولى
فيصيبنا الأمل
ونبدأ دائرة ثانية
بداخل الأولى
وننسى أن الدوائر مغلقة!
وكلما أصابنا الأمل نبدأ
من جديد
تضيق الدوائر
ثم نصل لأصغرة دائرة
ثم النقطة الأخيرة بداخلها
.....
هناك من اختصروا الدوائر
طريق مختصر للنقطة
هناك حيث تجلس
وتنثر رذاذ الفورمالين
على جثتك..!
.....
إياك أن تصل متأخراً
الفورمالين لن يعود بك من التحلل..

تعليمات استخدام الفورمالين:
 قبل التحلل.

الآثار الجانبية:
N/A
 فـ أنت ميت..!

...
منذ البدء كنت ميت
لكنك لم تود أن تعرف..
...
فلتناولي زجاجة الفورمالين
_إذا سمحت_
فـ أنت تعلم أن بعض اللياقة مطلوبة

حتى بين الموتى.


The Painting
James Tissot - Dead Bodies Thrown Outside the Temple

30 أبريل 2017

بيضة وقطعة خبز في مقابل حلم



ستبقى وحيداً 
حتى تخفت جراحك
و تتذكر ملامحك
ستبقى وحيداً حتى تُلقي بـ قناع المهرج 
ثم تضحك وتبكى دون أقنعة...
***

"الجميع يود تحقيق أحلامه على حسابي"
أخبرني بذلك وهو يضعني مع الجميع, انتقلتُ ببساطة من أحلامه إلى الجميع الذين يودون تحقيق أحلامهم على حسابهِ..
***

في المطبخ قررت أن أعد بعض "اللازانيا" لنا, أخرجت قالب الزبدة كي أخذ قطعة, قررت رشق السكين في منتصفه حتى مرت لكف يدي وقطعته, توقفت قليلاً ثم انتقلت ببساطة من فكرة الطبخ لتضميد يدي مع كوب قهوة في اليد الأخرى..
***

الأحلام تكون خادعة أحياناً, وأحياناً أخرى تغلفها طبقة من العفن حتى تعتقد أنها ليست أحلامك وأنها أصبحت مقززة, لذا تبدأ بإلقاءها في أقرب سلة قاذورات.

حينها تبدأ أحلامك بلملمة نفسها وتبتعد على مهل, هي تعلم أن الوقت كله في صالحها, لن يبحث أحدهم عن كتلة عفن كانت تفتخر يوماً بأنها الحلم...
***

السخرية...
تتقاطع الحكايات فتفقد الاتجاه, ثم يجلس تراثك الجمعي وهو يدخن سيجار فاخر ويخبرك أن تفعل مثل الجميع, فلتجعل أحلامك في ذات الدائرة وأن تستبدل الخيال بالواقع .. فتفعل.
***

ذلك الحلم سيكمل طريقه ولن يضله, الأحلام تعيش على تبة الخيال حيث طردها الجميع واستبدل بها أشياء واقعية, لقد استبدلوا الحلم بعد أن لوثوه بـ بيضة وقطعة خبز حتى يسدوا جوعهم الآن.


 Disappointed is painting by Myra Evans

08 فبراير 2017

حتى اليوم الذي توقفتَ فيه عن الأسئلة


الطرق ليست مغلقة ظاهرياً
لكنها في الحقيقة دائرة ندور فيها..
ثم لا شيء
لن نذهب لمكان
لن نصل
في الأصل لم نبدأ
كل شيء ملتوي
كل شيء _ربما_ لم يحدث..


***

الصمت
ثم لا يوجد الهواء الكافي للتنفس
ثنائية لا تنتهي..
حينما تُمنح تلك الثنائية 
 لا مفر منها..
صمت القبور حينها يُصبح صاخباً 
وربما يؤنس ظُلمة الروح أكثر.


ثم ننهض

نعود من الرماد 
نُغلق الجروح
نبدأ من أول الطريق أو منتصفه 
نبدأ من منحدر 
جبل 
محيط
كلها أشياء متشابهة..


يَخلقُ من الميت حي 

من الحي ميت 


يختلط تعريف الموت والحياة



ثم تنسى هل الدفن فوق الأرض أم تحتها

لم يعد هناك شيء مؤكد


ثم تعود للدائرة

تدور وتدور 

في أول نهوض عدتَ متسائلاً
وتكرر السؤال عند كل نهوض
حتى اليوم الذي توقفتَ فيه عن الأسئلة
عدتَ صامتاً 
ربما تلك المرة الأخيرة للعودة
لن تجد فارقاً 

لذا المرة القادمة لا تعد
فلا جديد على تلك الأرض 
وأنت تعرف ذلك.

The Painting: The Old Guitarist by Pablo Picasso  

22 نوفمبر 2016

حافة الحكاية



نافذة مغلقة بقماشة ممزقة, كنت أراها كل يوم حينما أفتح زجاج نافذتي, في البداية لم ألحظها, ثم في يوم ممل كالعادة قررت أن أفتح نوافذ غرفتي دون الخروج منها, أحضرتُ زجاجة نبيذ وقررت أن أظل في سريري وأنهمك في اللاشيء, إنني أعرف اللاشيء حينما أراه, بعض من قراءة المقالات التي لا فائدة منها وإنهماك في وسائل التواصل الإجتماعي كي أشعر ببعض الصخب في المياه الراكدة, لا شيء مهم على الرغم من أهمية كل شيء.
...
سألني إذا عاد الزمن هل ستؤيدين الثورة؟
ببساطة قاطعة أخبرته: لا.
...
القماشة ممزقة على النافذة, لكنها نظيفة, هناك شخص يحتمل الأشياء الممزقة على عدم النظافة, ربما ربة منزل عاملة لا تجد الوقت كي يأتي ذلك العامل الذي يطبع كل أرضية المنزل بآثار حذائه كي يضع لوحاً زجاجياً سليماً.
...
هل الجميع يود أن يصبح علي البدري حقاً؟
أنا أود ذلك.
...
تلك الشقة في الطابق الأخير, كيف يترك نافذته بلا زجاج, لو كنتُ مكانه لوضعت قضباناً حديدية, ربما هو رجلاً طاعناً في السن وأصبح لا يخاف أي سارق يهاجمه, أو حتى يقتله, لقد أصبح يود الموت ولا يخافه.
...
حينما سألكِ ابنك هل أنتم الجيل الذي ضيع كل شيء؟
أخبرتيه حينها أن الشيطان يكمن في التفاصيل لكن ربما حدث.
...
لقد لاحظت أن الشقة ليست قريبة وربما القماشة ليست نظيفة حقاً, النظر يخدع مع الزمن, ربما صاحب الشقة أصبح في بيت عجزة, أو ربما مات.
...
كيف حدث ياأمي؟
هل تتذكر اليوم الذي قررت فيه السباحة وأنت لم تتعلم بعد؟ كيف أنقذناك في اللحظة الأخير؟ الحكاية ذاتها لكن لم نجد من ينقذنا.
...
اليوم لم تعد هناك تلك القماشة, هناك زجاج جديد ملون بطريقة سيئة, إذا ربما باع الورثة الشقة.


The Painting: Standing on the Edge by Denise Shea

03 سبتمبر 2016

كل التفاصيل فرحة



طريق التيه طويل لا ينتهي, لكنني من قررته, واخترت طريق الحقيقة, ثم اكتشفت أنه لا يوجد حقائق مؤكدة, يوجد اعتقاد أن تلك هي الحقيقة, لكن الحقائق تمتزج بالقلب وتجعل الألوان مختلطة, الأزرق مسهُ الأصفر فأصبح أخضراً, لم أقصد لكن الحياة لديها اضافتها التي لا تخضع لأي إرادة, لذا فلأبتهج.. الحياة ذاتها قررت التدخل في حياتي..!
هل مللت؟ لم أفعل, كدت أن أفعل لكنني وجدته بهدوءٍ شديد لم أعتقده, كان يشبهني, حياته لا تملك تفسيرات واضحة, هو حاول مع التراث الجمعي وأنا رفضت, وتقابلنا في مفترق طرق, هو كان يفكر أن التراث الجمعي من التقاليد جعله في التيه, وأنا كنت بمنتصف التيه لأن أطرافي تجمدت وتساقطت خارج القطيع.
رجلاً اتبع كل القواعد وامرأة نبذت كل القواعد تم اللقاء بينهما, ووقعت الحكاية كلها, ما بين الأرض و بلوتو.
ثم وجدت أن الحكاية أبسط من كل تفاصيل أي مُدعي, بقية تفاصيلي لديه.
هل ستبقى بقية التفاصيل لديه؟
أتمنى ذلك, التفاصيل هي حكاية العمر, حكاية الحياة التي أستطيع حكايتها لأحفاده وأبنائه مني أو من غيري, كل شييء منه يحتمل التقديس, وأنا امرأة لا تملك شيئاً سوى قلبها, و حكاية عُمر.. ربما يوماً سأحكيها.. أو سأتوقف عن الحكي وأستمتع بها حد الثمالة .. وتنتهي الحياة بذلك الرضى الذي لا يُحكى عنه.
الصمت فرحة .. والكتابة فرحة.. والحياة فرحة .. وقلبك فرحة.. وأنا معك امرأة على قمة الرضا والفرحة.
كل الحكايات قبلك كانت "بروفة" لقدومك, وأتيت...

The Panting: Chaotic Craziness by Kris Haas

09 يونيو 2016

العالم خارج الورق



كم مرة كتبتُ مانيفستو كره البشر؟
أعتقد أنني لا أستطيع العد...

...
لحد ماتميت ست سنين
أنا كنت بحب البني آدمين 
وكرهت الناس من بعديها 
علشان نسوني أنا أصلاً مين*
...

عن العالم خارج الورق, مرهق حد الحزن, لقد صنع مني أخرى لا أستطيع التعرف عليها, هناك شيء من الشبه بيني وبين الجميع, ثم كل محاولاتي للتأقلم فشلت بطريقة ما, لا توجد قواعد واضحة, أو هناك قواعد لا تناسبني, الرحلة طويلة, والعمر مهما قصر فهو طويل يشبه ظلاً ل انسان بطول الزمن.

...
سَبتني الدنيا بستين أم 
وسَبتلها مية ملة ودين*
...

كنت قوية أكثر مما ظننت, ثم ظللت أحمل كل مشاكل العالم ماعدا التي لدي, لم أحمل يوماً مشكلة تخصني حتى نهاية الطريق, كأن مشاكلي هي احدى مميزاتي ولا يجب التخلي عنها, تعلم الحياة ليس بتلك السهولة.

...
وفي وقت السين 
أنا آخر جيم*
...

حكايات الوجع لو تذكرتها فقط أو حتى آمنت بذلك الإحساس الأولي لمرة واحدة لكنت نجيت في العالم لكنني أثور في اللحظة الأولى ثم أعود وأنسى وأمنح فرصة جديدة للعالم والبشر كي يثبتوا حسن نواياهم ثم أنسى أن تلك فرصة وأؤمن بحسن نواياهم, وأُقتل.

...
أنا جرح قديم كان متغطي 
اكمني مشتي ولابس كم*
...

لقد حزنت لكنني لم أبكي لأول مرة, لم أفهم, أول صدمة في حياتي لا أبكي فيها على الإطلاق.
اليوم نظرت للحكاية كلها فوجدت أن البشر حكاية كوميدية, وكنت في تلك الحكاية ونجوت أخيراً, فليبقى البقية في دائرة العبودية ولأعد لتسليتي في صف المتفرجين.
"إن الثور ينطحه"
"إنه يهرب من الثور"
"لقد قتله الثور"
تلك الحكاية الأبدية ولقد وقعت في الشرك وتحررت قبل أن يقتلني الثور.

...
أنا آخر تايب ف صحابي*
...

اكتشفت بعد العمر الطويل أن الكتابة لا تمسني سوى وأنا داخل حدود الوجع, ولأنني اكتب منذ مراهقتي كان اكتشافي أنني في آخر عام ونصف تقريباً كنت في منطقة بعيدة عن أي نقاط تماس مع ذلك الوجع.
لقد عشت عمراً كاملاً من الوجع حتى أنني لم أتعرف على شيء غيره وظللت لا أفهم سبب عدم تمكني من الكتابة.
الكتابة بالنسبة لي رد فعل يقيني الوجع مثلما يفعل هو, هو والكتابة شرنقتي الأبدية.
......


*من قصيدة "تفرانيل 50" ل مصطفى ابراهيم
Freedom is painting by Sandy Tracey