29 سبتمبر 2009

تهويدة حزينة



مضى عام جديد مني دون أي مقدمات كما هو المعتاد , لم تُصبني الشيخوخة بعد , لم تتساقط أسناني , لم تُصبح التجاعيد هي الطاغية على وجهي , مازلتُ في عُرف البشر شابة, لكن القلب لا يهتم بالأعراف مطلقاً , احتراق الأشياء يترك رماداً على جدرانه الهشة , لا يسمح بخروج أي ضحكات منهِ , العناكب سكنتهُ , ما أن يقترب منه الضوء الدافئ للحياة حتى تأتي عواصف ترابية لينسحب لرماده العتيق مرة أخرى.

حينما يصبح الخوف هو الأب الروحي لقلبي , اذاً لا مفر من الاعتراف أن الخوف هو أقوى احساس أملكهُ , حتى حينما أعلن عقوقي لأواجه الحياة بصدق , أجد أن الصدق غير واقعي لأن الجميع يكذب , لو أنني رأيتُ من قال أن الصدق مُنجي لأخبرته أنه كاذب , كلماته جميلة للكتب المدرسية ليخبروننا أنهم يهتمون بالتربية , لكن الواقع ذاته لا يهتم بتلك الأشياء المُنمقة.
بصدقٍ أخبركم أن الكذب مُنجي جدا
ينجي القلب من انكسارات عديدة , من احتراقٍ جديد .
كلما بدأ القلب بالتعافي أصابته انتكاسة جديدة .
الطريق منذ يوم بدأتُ الحياة لم يكن مُعبّدا كما يليق , قلبي وردة مجففة أقل شيئ يبعثرهُ و يهشمهُ , كلما لملمتهُ تبعثر أكثر , لأخاف من يومٍ لا أجد ما ألملمهُ.
محاولاتي للحياة كثيرة لكن ينقصني الكثير من الواقع لأحيا , ربما يجب أن أعود للخوف من جديد ليحميني بانعزالهِ المُعتاد , ربما يوم أتعلم كيف أستطيع العيش دونهِ .
الآوان لم يحن بعد , كل اعتقاداتي عن وجود الأمان و الحياة هي سراب أتخيلهُ في يومٍ لأستيقظ صباحاً مجمدة لا أجد أي شمس تعلن عن دفء الحياة أو اشراقات الصباح و دونما أي شيئ يحميني .
علامات التعجب و الاستفهام تلك الهواجس تجعلُ الفرحة الوليدة تموت في هدوءٍ قبل حتى أن تصرخ صرخة الحياة, أخاف من يومٍ لا أجد رَحِمّاً للفرحة حتى تتكون فيهِ , فأصبحُ عاقراً جدباء لن تنجب الفرحة يوماً.


***


و هكذا أكملتُ عامي الخامس و العشرين خائفة أن تصبح دموعي أكثر مرارة من قهوتي التي دون سكر!